مقدّمة
أجرى مشروع هنا ليبيا بالتعاون مع منظّمة “معا نبنيها لدعم وتمكين المرأة والشّباب” الرّائدة في مجالها، استبيانه الأوّل لهذا العام (2020) والذي كان حول “المرأة والمناصب القيادية”. هَدفَ الاستبيان إلى معرفة آراء الشّباب الليبيّ حول هذه القضيّة، وموقفهم منها ومدى انفتاحهم عليها.
أُطلِق الاستبيان بتاريخ 08 مارس؛ تزامنا مع اليوم العالميّ للمرأة. واستمرّ قرابة أسبوعين. وعلى الرغم من أنّ تلك الفترة كانت بداية الاهتمام المحلّي في ليبيا والتصعيد العالمي لجائحة كورونا وانصراف النّاس عن غير أحاديثها؛ إلا أنّ العدد الكلّي للمشاركين جاوز 5000 مشاركا/ة (وهو متوسّط أعداد المشاركين في استبيانات هنا ليبيا السابقة) وهذا لوحده دليلٌ على اهتمام الشباب الليبيّ بهذه القضيّة.
سينشر ملخّص نتائج الاستبيان على منصّة هنا ليبيا، موزّعا على 3 تقارير، سرديّة وتحليليّة -تتخلّلها توصيات- وعرض عيّنة من إجابات المشاركين المفتوحة. وفيما يلي الجزء الأوّل منه.
بيانات المشاركين
بلغ عدد المشاركين في الاستبيان 5716 مشاركا، 60٪ منهم إناث، 40٪ ذكور. ممّا يشير إلى أنّ هذه القضيّة تسترعي اهتماما أكبر من قبل لإناث، وهذا متوقّع. ويتظافر مع ذلك، أنّ أغلب إجابات الإناث المشاركات، كانت أكثر انفتاحا من أغلب إجابات الذكور، والتي كانت تميل إلى الموقف “النمطي المحافظ” كما سيأتي.
أمّا عن أعمار المشاركين فقد كانت الغالبيّة (79٪) هم من الفئة المستهدفة للمنصّة والاستبيان (15-35). أمّا مستواهم التعليميّ فقد كانت النّسبة الأكبر من المشاركين (54٪) من حاملي الشهادة الجامعيّة.
أمّا البقيّة فد جاؤوا متوزّعين، بنسبٍ متفاوتة على جلّ المستويات التعليميّة من خرّيجي الثانويات العامّة (15٪) والمتحصّلين على الدبلوم العالي (13٪) والمتوسّط (6٪) وحاملي درجة الماجستير (8٪) والدكتوراه (2٪) وغيرها.
من جهةٍ أخرى، ديموغرافيّا، فإنّ أغلب المشاركين هم من مدينة طرابلس بنسبة 40٪. تليها بنغازي (11٪) مصراتة (3٪)، والزاوية وسبها ودرنة ومناطق جيل نفّوسة بنسبة 2٪ لكلّ منها. إضافة إلى مدن متفرّقة بلغت نسبتها مجتمعة 6٪. وفي نفس الصّدد، فإنّ 27٪ من المشاركين لم يذكروا مدينتهم (يمكن أن يكون ذلك اختيارا منهم أو سهوا)
كل هذه البيانات تشير إلى أنّ المشاركين في الاستبيان؛ نوعيّةً وتنوّعًا وعددًا وخلفيّةً، يمثّلون شرائح واسعة في ليبيا، الأمر الذي قد يسمح بتحديد أطُر عامّة لقضيّة المرأة والمناصب القيادية في ليبيا، بناء على هذا الاستبيان، واتخاذ نتائجه مدخلا مهمّا لمعالجة القضيّة.
السؤال الأوّل: كيف يرى الشّباب الليبيّ تولّي المرأة المناصب القيادية؟
يعتبر هذا السؤال، سؤالا مركزيّا للاستبيان، لذلك جاء على قالَب سؤال بخيار إجابة واحدة، من بين خيارات عدّة تمثّل طيفا واسعا من الآراء، من المشجّعين بقوة إلى الرافضين بقوّة مرورا بغير المهتمّين.
أكثر الإجابات اختيارا كانت: أشجّع وبقوّة، زيّها زي الراجل بنسبة 40٪. ولم يكن مفاجئا أنّ غالبيّة من اختار هذه الإجابة (83٪) كانوا من الإناث (يعادلن 54٪ من إجمالي الإناث المشاركات في الاستبيان).
بمعنى أنّ 17٪ فقط من الذكور المشاركين في الاستبيان يدعمون دون استثناءات تولّي المرأة المناصب القيادية وينادون بالمساواة الكاملة بين الجنسين، وهذا ما تدلّ عليه هذه الإجابة.
ثاني أكثر الإجابات اختيارا كانت: عادي، لكن مش كلّ شي بنسبة 35٪. وبنسبة متقاربة في الاختيار بين الإناث والذكور (53٪، 47٪، على الترتيب) ما يجعل هذه الإجابة أكثر الإجابات اتزانا وتقاربا بين الجنسين.
من بين أكثر الإجابات أهميّة كانت: عندي مشكلة واختارها 9٪ من المشاركين. وكالعادة كان أغلبهم من الذكور 85٪ (يعادلون 20٪ من إجمالي الذكور المشاركين في الاستبيان).
بقيّة الإجابات جاءت على النحو التالي: معنديش مشكلة، لازم نشجّعوا المرأة بنسبة 14٪ (تقارب بين الذكور والإناث) ما يهمنيش الموضوع بنسبة 2٪ (80٪ منهم ذكور)
تبريرات الموقف السلبيّ من القضيّة، جاءت متفاوتة، بين نصوص دينيّة على الأغلب، ومعلومات مغلوطة عن طبيعة المرأة، واعتراف بواقع اجتماعيّ وأمنيّ صعب. وسيتمّ تحليل عينة من الإجابات المفتوحة للمشاركين، بالتفصيل، في التقرير الثالث من نتائج الاستبيان؛ فارتقبه.
الموقف السّلبي أواللامبالي من غالبيّة الذكور المشاركين في الاستبيان من قضيّة المرأة والمناصب القيادية؛ يستلزم تصميم حملات توعيّة تستهدف الذكور تحديدا، حول قضايا المساواة بين الجنسين، وأهميّتها، وتصحيح العديد من المفاهيم المتعلقة بالجندر والجنس، والحقوق السياسيّة.
السؤال الثاني: ما هي المناصب التي يعتقد الشّباب أنّها تناسب المرأة؟
هذا السؤال متعدّد الإجابات مع إمكانيّة أن يختار المشارك أكثر من إجابة، باستثناء إجابتين “كلّ ما ذكر، وغير ذلك” و “لا شيء ممّا ذكر” فإنّه في حالة اختيار أحدهما، فلا يمكن للمشارك اختيار أيّ إجابة أخرى.
جاءت الخيارات حاوية لمناصب قياديّة متنوّعة؛ إدارية وعسكرية وتعليميّة ووزاريّة وبرلمانيّة ورئاسيّة، في قطاعات مختلفة، حكومية وغير حكومية، مع خيار مفتوح “أخرى” يكتب فيه المشارك ما يرى.
أمّا خيارا “كلّ ما ذكر” وكذلك “لا شيء ممّا ذكر” فإنّ الأول يشير إلى الموقف الأشدّ انفتاحا من القضيّة، بينما الثاني يشير الموقف الأكثر انغلاقا منها، بمعنى آخر، عدم قبول خروج المرأة من بيتها أصلا.
منصب وزيرة شؤون المرأة كان أكثر الإجابات اختيارا بنسبة 56٪ (3175 من المشاركين، وكان الخيار الأوّل لكلا الجنسين) أمّا رئيسة أركان الجيش فقد كان الخيار الأدنى مطلقا (1٪) بـ 33 مشاركا فقط (51٪ منهم إناث، 49٪ منهم ذكور).
وبخصوص خياريْ الأشدّ انفتاحا والأشدّ انغلاقا؛ فإنّ خيار “كلّ ما ذكر وغير ذلك” لم يتحصّل إلا على 18٪ من إجمالي المشاركين، أغلبهم من الإناث (80٪)، بينما خيار “لا شيء ممّا ذكر” تحصّل على 5٪ فقط. أغلبهم من الذكور (82٪).
الجدير بالذكر أنّ منصب رئيسة دولة اختاره 675 مشاركا فقط. ولمطالعة ترتيب بقيّة الخيارات وتوزيعها بين الجنسين؛ يُرجى التركيز في التصميم أعلاه.
وكما تبيّن؛ فإنّ إجابات هذا السؤال – ومن الجنسين – جاءت مُعزّزة للصورة النمطية للمرأة ودورها في المجتمع، وما يفرضه المجتمع على المرأة من “مقبول وغير مقبول” حسب جندرها (النوع الاجتماعي) لا غير.
انتهى التقرير الأوّل، وسيليه التقرير الثاني، لاستكمال تحليل نتائج بقيّة أسئلة الاستبيان.