عائشة الطبولي، 22 سنة, منسقة العامة لمنظمة معا نبنيها، في طرابلس، تعمل على قضايا المرأة منذ أن كانت في الخامسة عشر من العمر. من خلال عملها , تحاول عائشة دعم الشباب للتحدث و اتخاذ أدوار فعالة في عمليات صنع القرار في إطار قرارات مجلس الأمن للأمم المتحدة 1325 (2000) و 2250 (2015). هي تدرس حاليا في مجال العلوم السياسية و بالتخصص في العلاقات الدولية مع تخصص ثانوي في الساسية العامة و الإدارة في الجامعة الأمريكية بالقاهرة، مصر. هي أيضا عضو في هيئة الأمم المتحدة للمرأة و الشباب “مجموعة الأجورا” المبتكرة.
منذ زمن طويل والنساء حول العالم يحاربن من أجل حقوقهن للحصول على فرص متساوية في أي شي يرغبون في القيام به. كباقي العالم , النساء الليبيات يواجهن نفس الوضع. منذ استقلال ليبيا في أوائل الخمسينات، بدأت الحركة النسائية في الحشد و ممارسة الضغط للحصول على حقوق المرأة الأساسية مثل حق التصويت و تلقي التعليم في المملكة أنذاك. في ذلك الوقت، بدأت الحركة النسائية تزداد قوة و نجحت في وضع بعض القوانين الأساسية للأجيال القادمة، و لكن كان ذلك البداية فقط. بعد فترة وجيزة , أصبحت الأمور أكثر تعقيدا و تم استبعاد النساء بالكامل من المشاركة، حيث خلال أربعة عقود من عهد القذافي لم تستطع حتى امرأة واحدة أن تكن جزءا من مراكز صنع القرار.
عند اندلاع الثورة في عام 2011 , كانت النساء في الصفوف الأمامية إلى جانب الرجال يطالبون بالحرية، العدالة الإجتماعية، حقوق الإنسان و الديمقراطية. غير أن الوضع تصاعد فجأة إلى نزاع مسلح مستقطب بشدة لطرفين لم تستطع النساء العثور على مكان مناسب لهن.
النساء و الشباب يكونون أكثر من نصف الكثافة السكانية في العالم. و مع ذلك لا تزال هاتين الفئتين غير ممثلة بما يكفي في أغلب دول العالم. يجب أن تكون النساء خاصة، الفئة الأكثر تأثيرا في المجتمع بسبب علاقتهم بباقي النسيج الإجتماعي و الدور الذي يلعبونه بصفة يومية. مهما اختلفت أدوار النساء، سواء كانوا ربات منزل أو موفرات للخبز في عائلتهن، فهن مثل “مدراء خلف الكواليس” في الحياة. لذلك , مساهمة النساء في جهود بناء السلام و امكانية وصولهن إلى مناصب صنع القرار أمر ضروري من أجل تحقيق سلام دائم. عندما يتم تمثيل كافة أعضاء المجتمع و تلبية احتياجاتهم و قضاياهم من خلال هذا التمثيل، بمعنى أن يتم ضمان حقوقهم الاساسية، سيؤدي هذا لإنخفاض معدلات العنف و من الأرجح تحقيق سلام مستدام.
الحركات النسائية حول العالم تناصر منذ وقت طويل المساواة بين الجنسين و أن يعترف العالم بأن النساء بقدر فاعلية الرجال في صنع القرار. حققت الحركة النسوية العالمية إنجازات عظيمة , بداية من أول مؤتمر عالمي معني بالمرأة في نيو مكسيكو (1975) و حتى عام 1979 عندما تم التصديق على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو) ثم ثاني و ثالث مؤتمر عالمي معني بالمرأة (كوبنهاقن 1980)، (كينيا 1985) و المؤتمر الرابع (بيكين 1995). مؤتمر بيكين تحديدا كان ذو أهمية عظمى، حيث أنه كان أضخم اجتماع يضم صناع قرارات من جميع أنحاء العالم، بما فيهم ليبيا. حيث نتج عن المؤتمر إعلان للعمل تناول اثنى عشر مجالات هامة تؤثر على حياة النساء عالميا مثل النساء و الصراع المسلح و أيضا مشاركة النساء و عمليات صنع القرار و بالإضافة إلى ذلك، لم تقتصر نتائج هذا المؤتمر فقط إعلان للإقرار بأهمية النساء، و لكن أيضا تكوين خطة عمل لإرشاد صناع السياسات حول العالم.
بالتركيز بشكل أكثر تحديدا على النساء و الصراع المسلح و النساء في مجالات صنع القرار، فإن النساء الليبيات طالما تم تجاهلهم بالكامل من قبل صناع القرار في السابق و حاليا منذ عام 2011. صناع القرار الحاليين و السابقين تجاهلوا في صنع قراراتهم جميع الأليات و المواثيق العالمية التي تم التصديق عليها و تبنيها من قبل ليبيا. لم يحاولوا التعامل مع الوضع بطريقة تراعى الفروق بين الجنسين في عمليات بناء السلام، و خاصة مرور ليبيا بنزاع مسلح قرابة التسع سنوات. ليس ذلك و حسب، فالنساء في ليبيا لا ينظر إليهن على أنهن أولوية و يتم تجاهلهن، على الرغم من التعهدات و الإلتزامات التي التزمت بها ليبيا و صادقت عليها للتحسين من حالة حقوق المرأة مثل قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بشأن المرأة والسلام والأمن (1325) و إتفاقية القضاء على جميع اشكال التمييز ضد المرأة (سيداو) و التي تم توجيه انتباههم إليهم من قبل مدافعين و ناشطات في حقوق المرأة و لكن بدون جدوى.
على الصعيد المحلي، المجتمع الدولي ليس لديه تأثير كبير على إشراك النساء بالقدر المطلوب ؛ عدد كبير من الإجتماعات الرفيعة المستوى انعقدت بخصوص ليبيا منذ عام 2012. و مع ذلك، لم يتم إشراك النساء و الشباب في أي من هذه الاجتماعات. كان من المفترض أن يكون للمجتمع الدولي دور أكثر فاعلية في تأمين تمثيل متنوع خلال عملية شاملة حيث يكون لدى النساء و الشباب القدرة على المشاركة بصورة هادفة. كان بوسع المجتمع الدولي أن يدعم مشاركة النساء و الشباب عن طريق توصية الجهات الفاعلة الوطنية السعي لإتباع نهج يراعي الفروق بين الجنسين أو عن طريق توزيع حصص على سبيل المثال في عملية بناء السلام السياسية الرسمية و غير الرسمية خصوصا في تلك التي يلعبون فيها دور الوسيط. ولا داعي لذكر تبني ليبيا لقرارات مثل إعلان بيكين و منهاج العمل، اتفاقية سيداو و قرار 1325 المصادق عليهم؛ المعتبرة في صالح الإشراك المتساوي للمرأة على كافة الأصعدة و ليبيا مسؤولة عن عملية تنفيذهم.
منذ وقت طويل، تم التركيز على جمع قيادات أطراف الصراع الذين هم رجال في حين تم تهميش النساء و الشباب الذين يتعرضون للضرر الأكبر لهذا الصراع. الآن بما أن سيتم انعقاد الدورة الخامسة و العشرين لإعلان بيكين و منهاج العمل، ينبغي إبراز هذه المسألة في الإستعراض و تقارير المجتمع المدني مع ضرورة إدماج النشطاء في العملية لتعزيز تنفيذ هذه المجالات الاستراتيجية. خصوصا مواضيع النساء و النزاع المسلح و النساء في عمليات صنع القرار لأهمية هذه المواضيع في ليبيا. على المجتمع الدولي الإستمرار و زيادة إلتزامها نحو تحقيق المساواة بين الجنسين, لكي تتاح للنساء نفس الفرص المتاحة للرجال، و أيضا تسليط الضوء على مسؤوليتهم نحو تمكين الشباب و خصوصا الشابات.
مصدر المقال: https://arabstates.unwomen.org/en/news/stories/2019/10/aisha-altubuly-women-and-youth-are-still-not-in-the-picture