كتابة نهال الدهماني، متحصلة على ليسانس قانون من جامعة طرابلس ، مستشارة في الحكم المحلي و مدربة في مجال المواطنة الفاعلة..
اسمي نهال الدهماني ، عمري (25عاماً) ، متحصلة على ليسانس قانون من جامعة طرابلس ، مستشارة في الحكم المحلي و مدربة في مجال المواطنة الفاعلة ، الأهم من ذلك أني ناشطة سياسية… تعدّ المشاركة السياسية في أي دولة الهدف الأمثل الذي يسعى من خلاله جلّ المواطنين في المساهمة الحقيقية في صناعة القرار و القدرة على ممارسة العملية السياسية دون أي قيد أو شرط من قبل الحكّام و الساسة ، و لعلّ التجربة السياسية في الدولة الليبية بمفهومها العام تعتبر حديثة النشأة فنظام الحكم له الدور البارز في إعطاء الصلاحيات من عدمها من أجل ممارسة العمل السياسي و المشاركة فيه ، لذلك أجبرت علينا المتغيرات السياسية داخل الدولة الليبية من المشاركة في العمل السياسي رغم حداثته و غياب الخبرة العملية في ممارسته .
كان أحد أهم أهدافي منذ الصغر ممارسة العمل السياسي و صناعة القرار داخل الدولة و بلورت هذا الهدف من خلال دراستي في مجال القانون و الإهتمام بتأصيل علم السياسة و من ثم انخرطت في ممارسة فن الكلام و التفاوض من خلال المناظرة و بعدها في عمر (22سنة ) قررت الخوض في تجربة العمل السياسي بشكله البارز عن طريق الإنخراط في العمل الحزبي و الذي يعدّ هوا الآخر حديث النشأة داخل الدولة ، و إيماناً بأن السياسة لا يمكن أن تكتمل بدون العمل الحزبي و الجماعات الضاغطة فضلّت الخوض في تجربة العمل الحزبي فكانت بدايتي كمستشارة لملف الشباب و المرأة في العديد من التكتلات و الأحزاب السياسية ثم انتقلت لشغل منصب مسؤول استقطاب و تشبيك في أحد أبرز الأحزاب الموجودة في الساحة الليبية ، و شاركت في تأسيس شبكة المرأة الحزبية كأصغر شابة فيها في عمر (22 سنة)و من خلال خوض هذه التجربة اتضح لي عزوف الشابات الليبيات عن ممارسة العمل السياسي و التخوّف من مشاركتهم بشكل بارز في أي عمل حزبي أو عمل سياسي ، و لعلّ ما تمر به الدولة من تغيرات في الموازنات السياسية و الأوضاع الأمنية و عدم الشفافية كان له تأثير بشكل كبير عن عزوف الشابات الليبيات في المشاركة السياسية و كذلك نظرة متصدري المشهد للشابة الليبية .
أولا: الموازنات السياسية
بإعتبار أن الساحة الليبية تعتبر أرضية خصبة لممارسة أي عمل سياسي بسبب الشح الذي عانت منه الدولة طيلة السنوات السابقة من عدم الإنخراط في العمل السياسي و غياب وجود تيارات سياسية مختلفة ،كان له دور كبير في وجود العديد من التكتلات السياسية و الأيدلوجيات السياسية ممّا أدى إلى عدم استقرار وجود موازنة واضحة للتيارات المتصدرة للمشهد السياسي و لعلّ هذا السبب جعل العديد من الشابات يعانون من تخوّف نسبتهم لتيار معين قد لا يكون موجود في الموازنة السياسية القادمة بالتالي أدى ذلك لعدم دخولهم لأي عمل حزبي أو جسم سياسي و ابتعادهم عن المشهد بحجة عدم استقرار الموازنات السياسية في المشهد الليبي .
ثانياً : الأوضاع الأمنية
لا يغيب عن أحد الوضع الأمني الذي تمر به الدولة الليبية فهو الهاجس الأكبر الذي يؤثر على أغلب الملفات المتنوعة في الدولة ، لذلك كان من المخاطرة و المجازفة انخراط الشباب في العمل السياسي و تحديداً الشابات (النساء) ، ففي ظل وجود أطراف سياسية متصارعة على الحكم و في غياب عدم التوافق السياسي بين المناطق الليبية أدى إلى تخوّف الشابات من ممارسة أي مشاركة سياسية بشكل علني ذرءاً لعدم تعرضهم لأي نوع من الإبتزاز و التعرّض لهم بشكل مباشر من قوى أمنية تختلف معهم في التوجهات السياسية ، و إزداد التخوّف بشكلٍ أكبر بعد حادثة اختفاء النائبة سهام سرقيوة و التي مارست العمل السياسي بشكل واضح و بارز ، لذلك كان وجود الشابات في العمل السياسي أشبه بوجود الإبرة في كومة قش .
ثالثاً: غياب الشفافية
بعد سنة 2011 كانت الدولة الليبية تنتظر نقلة نوعية في نظام الحكم و لن يتم ذلك إلاّ بوجود مشاركة سياسية من تيارات مختلفة و انتخابات تضمن للجميع المشاركة في بناء الدولة الليبية ، و شارك الليبيون في انتخابات كانت الأولى من نوعها ضمت كل الأطراف السياسية بتياراتها الإسلامية و الليبرالية ، لكن ما حدث بعد ذات من صراع التيارات أدى لدخول العديد من الشعب في حالة عدم ثقة و غياب للشفافية في العمل السياسي ، و هذا أثر بشكل مباشر على الشابات و عرقل دخولهم في العمل السياسي و لعلّ غياب الحاضنة السياسية الوسطية كان له تأثير في ذلك فلو كانت هناك حاضنة تتسم بأنها تيار وسطي لكان انخراط الشابات في العمل السياسي أفضل ممّا نحن عليه الآن .
رابعاً: النظرة العامة لمتصدري المشهد الليبي
و من وجهة نظري يعد هذا السبب هو الأهم و الأكبر الذي سبّب في تخوّف الشابات من الإنخراط في العمل السياسي ، فأغلب من يتربعون على طاولة المفاوضات السياسية هم من فئة كبار السن و قد يصعب عليهم تقبل فكرة وجود شابة ليبية تجلس معهم كقوة سياسية للتفاوض و للمشاركة في رسم معالم سياسة الدولة الليبية القادمة ، و أكبر ما يحتجون به هوا غياب الخبرة للشابات في العمل السياسي و نسوا أن العمل السياسي في ليبيا هوا حديث الولادة فهو يفتقر للعمر الأزلي الذي قد يمكنه من طرح أبعاد سياسية تحمل سناً كبيراً من التجربة ، في نظري لابد من تغيير الصورة النمطية المتجذرة لدى البعض من السياسين الليبين الذين قد يعتقدون بعدم قدرة الشابات الليبيات من ممارسة العمل السياسي بشكل محترف و أن يكونوا في الصف الأول و الإبتعاد عن اعتبارهم مجرد أدوات يصنعون بهم المعادلات السياسية و يرضون بهم الرأي العام ، يقع علينا نحن كشابات أن نبرهن لأنفسنا أولاً ثم للجميع أنه لا يوجد ما يمنعنا من ممارسة العمل السياسي و خلق التكتلات السياسية بشكل واضح فالقانون يحمينا و المجتمع سينضج بوجودنا و التمهيد لغيرنا للمشاركة و التواجد بقوة هوا واجب يقع على عاتقنا .
رسالتي لكل الشابات
بداية تحقيق الحلم هو مواجهة مخاطره و لأن الحلم هوا انجاز لصاحبه لن يتم إلاّ بإتخاذ أولى خطواته و هي التجربة ، لابد من التجربة و لابد من المشاركة في صناعة مصيرنا و وجودنا كشركاء في بناء الدولة لا كأرقام لمن يتصدرون المشهد السياسي من كبار السن .
رسالتي لكل شابة قد تتخوف من المشاركة السياسية في المرحلة الحالية ، العملية السياسية الليبية الآن هي أكبر امتحان قد يجتازه أي سياسي ناجح في العالم فقط نحتاج أن ننظر للأمر من الزاوية الإيجابية و المميزة ، فالنفوذ لا يبنى إلاّ بعمق التجربة و الإنخراط فيها .
رسالتي للمجتمع الدولي
كما كان للبعثة الأممية دور بارز في صناعة المتغيرات السياسية و نضج التجربة السياسية داخل الدولة الليبية ، يقع على عاتق كل القوى الدولية تقبّل وجود الشابات الليبيات كعنصر بارز و مهم في السياسة المحلية للدولة ، و لابد من المطالبة بشكل مكثف من وجود الشابات الليبيات في أي حوار سياسي ليبي ، فقط نحتاج لضمان وجود فعلي داخل المعادلة السياسية بعيداً عن أي إقصاء قد يمارس في حقنا من قبل السياسيين الليبيين .