عصا رجل الأمن

عصا رجل الأمن

عصا رجل الأمن 720 540 admin

بقلم وعد حميدة ،

انتشرت بالأمس في صفحات التواصل الاجتماعي صورة لما يفترض كونه (رجل أمن) يرفع عصاه على نساء متجمعات أمام أحد المصارف الليبية، في حين كن ينتظرن السماح لهن بالدخول إلى المصرف وسحب ما تيسر من مالهن لقضاء حوائجهن. فضلا على أن هذا الموقف -الذي تم توثيقه- يكشف لنا مدى التغير السلوكي الذي طرأ على الكثيرين عندما يتعلق الأمر بالعنف على النساء، حيث أنه ومنذ سنوات قريبة لم يكن أي من الليييات والليبيين يتخيل حدوثه؛ فإنه من جانب آخر، يكشف وعي الكثيرين بجذور المشكلة، ورغم أن التعليقات في معظمها تبدو إيجابية للوهلة الأولى، حيث أن الصورة أثارت غضب وسخط وتنديد الكثير رجالا ونساء بالوضع المهين الذي آلت إليه النساء، خصوصا عندما يأتى العنف ممن يفترض به حفظ الأمن وفرض الاستقرار.

الصورة المستفزة التي تناقلتها الليبيات والليبيون على مواقع التواصل الاجتماعي لم يكن مضمونها بالجديد على كثير منهم، فلطالما رأوا هذا، وتقول العديدات أن هناك ألفاظا أكثر بذاءة تهين النساء -لم تلتقطها الكاميرات- ويعيشنها كل يوم.

لكن؛ لنلقِ معاً نظرة تحليلة سريعة لعينة من التعليقات التي عجت بها مواقع التواصل الاجتماعي اليوم…

جاءت بعض التنديدات ظاهرها يبدو مناصرا وباطنها يحمل إهانة إضافة للإهانة التي تصفها الصورة، كون بعض التعليقات تحمل عنفا يمارسه المجتمع دون وعي في وضع النساء بمرتبة أدنى.

علق أحدهم متضامناً ولاعناً أزواج وأبناء هؤلاء السيدات كونهم هم من يجب أي يتوجهوا للمصارف لا زوجاتهم .. لعلنا نرى أن هذا يعكس آراء كثر ممن يجدون هذا الخيار الوحيد لضمان أن لا تتعرض النساء للتعنيف، ولكن ما تأثير هذا على المدى البعيد؟ كيف سيتغير المجتمع بعد سنوات إذا انصعنا إلى هذا الحل والحال؟

وظهر صحافي في تعليق آخر صادم بوصفه أنه لا يرى أي رجل في الصورة وجميعهن نساء في نظره – في تلميح منه لإهانة رجل الأمن الواقف بعصاه، وظاناً نفسه بهذا يناصر النساء ويرفض العنف الواقع عليهن وهو ما شدد عليه السيد في أكثر من مناسبة.

ما سبق كان جانباً من تعليقات من يرون أنفسهم يرفضون هذا العنف؛ فلن أتكلم طويلا عن أولئك الذين يبررونه، فيرى أحدهم أنه نتاج ضغط العمل وأن النساء مسؤولات عما إلن إليه، وآخر يبرر استعمال القوة لحفظ الأمن، وتنكر أخرى قيام الرجل بضرب النساء وأنه واقفاً بعصاه متحدثاً إليهن فقط “وهذا واضح جدا في الصورة” حسب وصفها.

لعل تعليقات كهذه تهين النساء إهانة أكبر من رفع العصا نفسها، فالعصا يمكن رؤيتها وتفاديها، أما العنف المجتمعي في صورة تشبيه (السيئين من الرجال) بأنهم نساء، وتقبل النساء ذلك ما يصعب على كثيرين التنبه لتأثيره الآن وعلى المدى البعيد، ارفضي ذلك معنا، ولعل فسحة الأمل نجدها في وعي بعض السيدات بما يدس بين الكلام بوعي أو بدونه ورفضهن له في محاولة منهن لتصحيح المفاهيم ورفضاً لأن يتم التضامن معهن في صورة مهينة كما لاحظنا في تعليقات كثيرة، إليكن بعضها.